الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
إبراهيم جلال فضلون (1)

دوغين... مؤلف "النظرية الرابعة" و"عقل بوتين الحزين" الذي طور لسنوات استراتيجية "التكامل الأوراسي"، والذي أردتهُ عبوة ناسفة بالحرب الروسية الأوكرانية في مقتل "ابنته"، في رسالة وكأنها ثأر استيقظ بعد أحد عشر عاماً من نشر المقالة البوتينية المُعنونة بـ "مشروع تكامل جديد لأوراسيا - المستقبل الذي يولد اليوم"، فهل تغير عنوانها إلى " المستقبل الذي مات اليوم"؟

فقتل الأبناء أفظع عقاب لا يزول أثره حتى الممات، وكأنه عقاب دنيوي لتكفير الخطايا التي فُعلت وفعلها الدُب الروسي الذي انهار إثر الصدمة السوداء (داريا)، لا سيما أنها حدثت على بلاطه القيصري "موسكو" بالذات، ذلك الجسد الذي يأمل إعادة الروح إليه بعد خروجه من جسد الاتحاد السوفياتي، حيثُ ظلت النخبة الروسية تحاول تشييد ثقافة جديدة تكفل حيوية الدولة والهوية الروسية، ليكون دوغين الموكل بالبحث عن هوية روسية مخالفة لما أرسته القيصرية والبلشفية وما بعد تفكيك الاتحاد السوفياتي وهو ما يجعل منه شريكاً أيديولوجياً في حكم روسيا، ولو من خلف الأسوار.

إنها أفكار رجل موصوف بـ"أخطر رجل في العالم" أكبر المدافعين عن "روسيا الجديدة" والذي يكتب ويُحلل باللغات السبع (الروسية والإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والبرتغالية)! قد لاقت لدى الدب الروسي قبولاً، مشدداً بل ومنكراً معرفته ببوتين شخصياً، ليحتل دوغين عام 2009 المرتبة 36 بين أكثر المثقفين نفوذاً في روسيا. وأدرجته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عام 2014 ضمن قائمة أبرز 100 مفكر عالمي، ليأتي الحادث في صورتيه إما أنه "صناعة محلية" من إخراج ومونتاج جهاز يريد إيصال رسالة لبوتين والكرملين بأن بلادهم في خطر، أو حادث يعقبه عقاب آتٍ، للنظام الأوكراني؛ خصوصاً بعدما تردد من أن أجهزة الأمن الأوكرانية أحبطت حتى الآن أكثر من خطة كانت معدة لشطبه من المعادلة.

قديماً قال الغربيون: "إن من يوسوس في أذن الملك أخطر من الملك"، لينطبق المثل على "دوغين" الرجل الذي يلعبُ بأذن بوتين وأوصله لغزو الجارة الأوكرانية، لأنه باختصار يمتلك عمقاً روسياً أرثوذكسياً عميقاً، وكأنه من أنصار "مدينة الله"، في مواجهة "المدينة العالمية الفاضلة"، وفق تقسيم سان أوغستين في رائعته التاريخية "مدينة الله".

لقد توالت المصائب على بوتين منذ أن كان بجهاز المخابرات. وفشله أمام الغرب المتحالف بالناتو الذي يقف بالمرصاد على أعتاب "روسيا". ومناطق فشله تتوسع بالعالم أمام القوة الأمريكية الأوربية في ساحات العالم الشرق أوسطي، ليهدر بوتين قوته على مدار الوقت بغزوه أوكرانيا، فما تقدّم غيض من فيض، في سيرة ومسيرة النظام البوتيني المنهار، وصولاً بأزمات اقتصادية عالمية وتضخم كبير قد يكون نهايته احتكاك في الظلام بين موسكو و"ناتو"، فهل سيرى العالم ذلك اليوم ليدفع الأبرياء ثمن دم دوغين وجروح بوتين؟

 

ليفانت - إبراهيم جلال فضلون

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!